Choose your Pain carefully
nostr:nevent1qqs94l6wl4m93lkynlq5vhl3p7u3ahpgzxpypy5p94ysrkg3fn8ptdqprfmhxue69uhhyetvv9ujumn0wd68ytnzv9hxgtmpd3kqygq0tl620v4hu0qx2h8pwlxs7kdzp4jvlfz5k8t3rcywu773gmkkv5psgqqqqqqsjycmfx
PoW@MaX
powmaxi@getcurrent.io
npub1pa0l...03w5
Proof Of Work ⛏️ Maximalist
Notes (20)
#bitcoin is Pain Go Up Technology.
What ever your side of the trade.
#bitcoin #nostr
If #bitcoin is ridiculous so short it and go FYS
nostr:nevent1qqsztn9yjmyymz48pp5hyjwxakqquaglspsce8cah6a8thajh8ymvvqpzamhxue69uhhyetvv9ujumn0wd68ytnzv9hxgtczypxhsss9z7pwp5l7kq6dz59dc2mt4e8w8dyhseunhlaydzm0twttxqcyqqqqqqg0rldyr
Tick tock next block
keeps advancing, long after all the illusions of the fiat world fade.
Whenever they realize they can’t stop the clock, they drown the air with noise, hoping people won’t hear it.
But they always forget: their noise is only a mirage.
It always disappears with time.
The clock doesn’t.
#bitcoin #nostr
nostr:nprofile1qqs890du277adh7yucng2pgaaqzp69yv8350us4lxq0hr2nv75l997cpzemhxue69uhhyetvv9ujucm0d9hx7uewd9hj7t9lv8q
Is down ?
I lost all my following I don't recognize the timeline what happened
Please everyone who knows me just make a follow
Thank you
#bitcoin #nostr
Yes, yes and yes nostr:naddr1qqgxvwpsv4nrjdn9vsuxxcenxenrgq3qklkk3vrzme455yh9rl2jshq7rc8dpegj3ndf82c3ks2sk40dxt7qxpqqqp65w53h8fe
The dollar system survives because the base layer is elastic.
They print, tweak rates, and bail out failures so the synthetic tower of IOUs and derivatives can keep standing.
Bitcoin is the opposite.
Supply is fixed. No bailouts, no emergency liquidity, no “print button.”
Bad bets get wiped out. Capital misallocation gets exposed. The market clears honestly.
Any IOU system built above Bitcoin that tries to recreate fiat tricks becomes a skyscraper on shifting sand.
The base layer won’t bend to save it.
That’s the whole difference.
#bitcoin #nostr
nostr:nevent1qqsg9yhl58w95l9d45qfl36ppy4q3fthwssc7vlq7hyp49grumw0d3spzamhxue69uhhyetvv9ujumn0wd68ytnzv9hxgtczyp2xpyzg9pxj59gu3hmztaqv8zw5y0ks2l7wlynahzy4d55wy2aqxqcyqqqzvjsc6hm0u
Ponzi scheme.
FTX in steroids.
nostr:nevent1qqsdrvjzzewjf70yc8c0ehw8l4f5mczufqr0jylzw2flf6g0uqmvyrcpz4mhxue69uhhyetvv9ujuerpd46hxtnfduhsygzel0h8x6wlwufah0afh0ds3ykx96af9y3jv9wxlunc0k3cfjmhpupsgqqqqqqspgfpqz
#bitcoin #nostrarabia nostr:naddr1qqgxxcn989jkxvekxfjrwer9vcergq3qpa0lffajkl3uqe2uu9mu6r6e5gxkfnay2jcawy0q3mnm69rw6ejsxpqqqp65wlhyut5
يشكّل التفاعل بين النظام النقدي العالمي القائم على النقود الورقية وبين البيتكوين نظامًا معقّدًا ومتكيّفًا، يتّسم بـ حلقة تغذية راجعة متعددة الطبقات وطبيعة تكرارية. هذا التفاعل ليس مجرد تسلسل خطي، بل هو جدلية ديناميكية؛ إذ يمارس كل نظام ضغطًا انتقائيًا على الآخر، مما يحرّك عملية التطوّر المشترك على المستويات الاقتصادية والتقنية والسياسية-الاجتماعية. ويمكن توصيف الآلية الأساسية باعتبارها حلقة تغذية إيجابية: إذ تؤدي الاختلالات البنيوية في النظام الورقي إلى تحفيز تبنّي البيتكوين وتطويره، بينما يخلق نموّ البيتكوين ضغطًا تنافسيًا ووجوديًا على النظام الورقي، ما يدفع المؤسسات الرسمية إلى ردود أفعال غالبًا ما تعمّق تلك الاختلالات، فتُسرّع من توسّع دور البيتكوين. وتزداد هذه الدورة قوة بمرور الوقت بفعل تأثيرات الشبكة، والتغذية الانعكاسية ، وهجرة رأس المال.
قناة التغذية الأولى : من النظام الورقي إلى البيتكوين
تنشأ من الخصائص الأساسية للعملة التي تُصدرها الدولة. إن التوسّع النقدي، والتيسير الكمي، وتمويل العجز المالي عبر البنوك المركزية، كلها تؤدي إلى تآكل القوة الشرائية، ما يدفع الفاعلين الاقتصاديين إلى البحث عن أصول صلبة غير خاضعة للسلطة، تتسم بندرة قابلة للتحقق. هذا الطلب ينجذب نحو البيتكوين باعتباره أصلًا نادرًا غير سيادي يمثّل نقطة جاذبية لحفظ القيمة. في الوقت نفسه، تُظهر قيود رأس المال، والإقصاء المالي، ومخاطر المصادرة هشاشة النظام المالي القائم على الإذن، مما يعزّز دور البيتكوين كـ طبقة تسوية محايدة وغير قابلة للتقييد. كما تؤدي العوائد الحقيقية السلبية إلى إضعاف الوظيفة الادخارية للنقود الورقية، ودفع المجتمع نحو سلوكيات المضاربة، على عكس ثقافة الادخار طويلة الأمد في البيتكوين المُحفَّزة بسياسة إصدار انكماشية. وتؤدي هذه العوامل:التضخم النقدي، المخاطر الرقابية، وانهيار القدرة على الادخار؛إلى تراجع الثقة في السياسات الاقتصادية المركزية، وتعزّز المصداقية الموضوعية للسياسة النقدية اللامركزية للبيتكوين.
قناة التغذية الثانية :من البيتكوين إلى النظام الورقي
تظهر كضغوط تنافسية وتكيفية واسعة. إن وجود البيتكوين كـ أصل عالمي نادر غير سياسي يجعله مؤشرًا مرجعيًا يُقاس به اتساع الإصدار النقدي للعملات الورقية. وهذا يدفع البنوك المركزية إلى موقف دفاعي، وقد يؤثر في سرديات السياسة النقدية، ويسرّع تطوير العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs) باعتبارها أداة تقنية للحفاظ على السيادة النقدية عبر البرمجة وتعزيز الرقابة. كما أن قدرة البيتكوين على العمل كـ طبقة تسوية دولية موازية وغير خاضعة للترخيص تخلق ضغوطًا على حركة رأس المال، خارجًا عن القنوات المصرفية التقليدية. وتستجيب الدول لهذه المخاطر عبر تشديد لوائح الامتثال المالي مثل متطلبات “اعرف عميلك” و”مكافحة غسل الأموال”، أو عبر التفكير في حظر مباشر. ومن الناحية التقنية، تشكّل بنية البيتكوين المفتوحة، ومعه طبقات مثل شبكة البرق، تهديدًا وجوديًا لـ النموذج المصرفي الاحتياطي القائم على الوصاية، إذ تدفع المؤسسات المالية إلى تحديث أنظمة التسوية كي لا تصبح هياكل متقادمة.
هذا التفاعل يشكّل حلقة جدلية متصاعدة تمتد عبر عقود. الانحراف الأولي هو اختلال النظام الورقي، الذي يدفع باتجاه تبنّي البيتكوين وزيادة القناعة به. ومع توسّع شبكة البيتكوين، يصبح وجودها وصلابتها أكثر وضوحًا للجمهور، مما يكشف هشاشة النظام الورقي. وتردّ المؤسسات بسياسات تهدف إلى استعادة السيطرة كالتشديد التنظيمي أو تطوير عملات رقمية رقابية ،لكن هذه الإجراءات غالبًا ما تخلق آثارًا عكسية تزيد من الرقابة وعدم الكفاءة، فتدفع إلى مزيد من فقدان الثقة وتسريع البحث عن بدائل. وتشتدّ هذه الحلقة بفعل تأثيرات الشبكة، والتغذية الانعكاسية، وتأثير ليندي الذي يربط طول عمر البيتكوين باستمرارية بقائه. والنتيجة هي تحوّل تدريجي لرأس المال والمهارات والقناعات من النظام القديم إلى الشبكة الناشئة.
وتدعّم هذه العملية تأثيرات نفسية وثقافية عميقة. فالمشاركون في منظومة البيتكوين والنظام الورقي باتوا يعملون داخل إطارات معرفية مختلفة. فالاطلاع على الندرة المطلقة للبيتكوين وإمداده المحدود يغيّر فهم المال من كونه أداة دولة إلى كونه سلعة هندسية ذات خصائص اقتصادية واضحة. ويُسرّع التدهور الواقعي للنظام الورقي انتشار المقولات الفكرية الداعمة للبيتكوين، فيسهم في نقل الثقة من “خبراء” النظام الورقي إلى الشفافية التقنية التي يقدمها بروتوكول البيتكوين. ومع مرور الوقت، تضعف رواية استقرار النقود الورقية، بينما تقوى رواية صمود البيتكوين، مما يخلق حلقة مستمرة من تراجع الشرعية عن الأول وتعزيز الثاني.
وعلى المدى البعيد، يمكن تصور عدة سيناريوهات لتوازن تنافسي: قد نشهد تعايشًا تدريجيًا، حيث يصبح البيتكوين مخزانًا عالميًا للقيمة بينما تحتفظ النقود الورقية بدور محدود كوسيلة
تبادل.
أو قد نشهد عملية انتقال طوعية نحو معيار نقدي عالمي يعتمد على البيتكوين عند بلوغ النظام الورقي مستوى عجز حرج. كما قد يؤدي تصعيد النظام الورقي عبر العملات الرقمية للبنوك المركزية إلى واقع نقدي ثنائي: مال مركزي مراقَب مقابل مال لا مركزي قائم على الحيازة المباشرة، ما يخلق اقتصاديات موازية. وأخيرًا، قد يؤدي التشدد التنظيمي المفرط إلى نتيجة عكسية: فمحاولة قمع البيتكوين قد تتحول إلى برهان على قيمته الأساسية كشبكة مقاومة للرقابة، فتسرّع من تبنّيه وتدفع الحلقة الجدلية نحو نتيجة غير مواتية للنظام الورقي ذاته.
#bitcoin #nostr #nostrarabia
The interaction between the global fiat monetary system and Bitcoin constitutes a complex, adaptive system characterized by a multi-layered, recursive feedback loop. This dynamic is not merely sequential but dialectical, wherein each system acts as a selective pressure on the other, driving co-evolution across economic, technological, and sociopolitical domains. The primary mechanism can be modeled as a positive feedback cycle: inherent fiat dysfunctions catalyze Bitcoin adoption and innovation, whose subsequent growth and visibility exert competitive and existential pressures on the fiat regime, provoking institutional reactions that often exacerbate the initial dysfunctions, thereby further accelerating Bitcoin's relevance. This self-reinforcing cycle intensifies over time through network effects, reflexivity, and capital migration.
The first feedback channel, emanating from the fiat system to Bitcoin, is propelled by the fundamental properties of state-issued currency. Monetary expansion, quantitative easing, and the fiscal monetization of public debt systematically dilute purchasing power, creating a powerful incentive structure for economic actors to seek non-sovereign, hard assets with verifiable scarcity. This migratory demand for a robust store of value coalesces around Bitcoin's credibly fixed supply, transforming it into a Schelling point for capital preservation. Concurrently, regulatory overreach in the form of capital controls, financial deplatforming, and seizure risk demonstrates the contingent nature of permissioned finance, thereby validating the utility of Bitcoin's neutral, unstoppable settlement layer as a canonical escape valve. Furthermore, the systemic imposition of negative real yields collapses the traditional savings function of fiat instruments, fostering a culture of speculative gambling; this contrasts sharply with the emergent Bitcoin culture of "holding," a low-time-preference behavior that is incentivized by its disinflationary issuance schedule. Cumulatively, these factors,monetary dilution, censorship risk, and the destruction of savings,erode trust in central planning and institutional authority, thereby strengthening the epistemic credibility of Bitcoin's decentralized, rule-based monetary policy.
The second, inverse feedback channel, from Bitcoin to the fiat system, manifests as a spectrum of competitive and adaptive pressures. Bitcoin’s existence as a provably scarce, global, and apolitical asset creates a tangible benchmark against which fiat currency expansion is transparently measured. This exposure forces central banks into a defensive posture, potentially influencing monetary policy narratives and accelerating the development of Central Bank Digital Currencies (CBDCs), which represent a technological escalation aimed at retaining monetary sovereignty through programmability and enhanced transaction surveillance. Bitcoin’s capacity to function as a parallel, permissionless international settlement layer introduces latent capital flight pressure, enabling value transfer outside conventional banking channels. States respond to this threat to their monetary control by enacting stricter Know-Your-Customer (KYC) and Anti-Money Laundering (AML) regulations or, in extreme cases, contemplating outright bans. Technologically, Bitcoin’s open, cryptographic infrastructure, and its secondary layers like the Lightning Network, which enable programmable value and instantaneous, low-cost finality, pose an existential challenge to the legacy custodial banking model, forcing incumbent financial institutions to modernize their settlement systems or risk architectural obsolescence.
The core dynamic is a self-reinforcing loop, a recursive dialectic that compounds over decadal timeframes. The initial condition is fiat dysfunction, which increases Bitcoin adoption and deepens user conviction. As Bitcoin's network grows, its very presence and resilience render the weaknesses of the fiat system more legible to a broader population. Fiat institutions, perceiving this challenge, react with policies intended to reassert control, such as regulatory crackdowns or the development of surveillance-heavy CBDCs. However, these reactive measures often generate unintended consequences, including greater financial censorship and inefficiency, which in turn fuel further distrust and accelerate the search for exit strategies. This feedback loop is nonlinear and intensifies due to several underlying mechanisms: the network effect, whereby each new user increases the utility of the Bitcoin network for all others; reflexivity, where the perception of Bitcoin's growing value influences its fundamental adoption, which then reinforces the perception; and the Lindy effect, whereby Bitcoin's continued survival probabilistically extends its expected lifespan. The result is a sustained migration of capital, talent, and belief from the legacy system to the emergent network.
This process is underpinned by profound psychological and cultural feedback effects. Participants in the Bitcoin ecosystem and the traditional fiat system increasingly operate under incommensurable cognitive frameworks. Exposure to Bitcoin's fixed supply and deterministic rules fosters a paradigm shift in the understanding of money, moving from a social construct based on state authority to an engineered good based on verifiable scarcity. The memetic propagation of Bitcoin concepts is accelerated by observable fiat deterioration, which serves as continuous, real-world validation of Bitcoin's core theses. This cultural shift involves a fundamental transfer of trust away from fiat experts and institutional narratives and toward the transparent, auditable code of the Bitcoin protocol. Consequently, the dominant narrative of fiat stability progressively weakens, while the Lindy-verified narrative of Bitcoin's resilience strengthens, creating a self-perpetuating cycle of delegitimization and reaffirmation.
Considering the long-term trajectory, several competitive equilibrium scenarios are plausible. The path of gradual coexistence involves a shifting proportion of global liquidity, where Bitcoin acts primarily as a non-sovereign store of value “a digital gold” while fiat retains its role as a medium of exchange, albeit within an increasingly constrained and competitive monetary landscape. A terminal state of hyperbitcoinization represents a voluntary, network-effect-driven transition to Bitcoin as the world's primary monetary standard, a scenario predicated on fiat reaching a critical threshold of failure. Alternatively, the fiat system may escalate through the deployment of CBDCs, creating a bifurcated monetary reality of centralized, programmable surveillance money versus decentralized, bearer-asset bitcoin. This could lead to a fragmented landscape of parallel economies. A final, ironic scenario is that of regulatory overreaction, where aggressive state-level attempts to suppress Bitcoin inadvertently validate its core value proposition as a censorship-resistant network, thereby catalyzing the very adoption it sought to prevent and decisively accelerating the feedback loop toward a conclusion unfavorable to the legacy system.
#bitcoin #nostr
#bitcoin #nostr #nostrarabia nostr:naddr1qqgxydfkxqmrjerxxccnzvek8pnxyq3qpa0lffajkl3uqe2uu9mu6r6e5gxkfnay2jcawy0q3mnm69rw6ejsxpqqqp65w5gjys9
#bitcoin #nostr
nostr:naddr1qqgxge3sxfjnyefnxpnxyvpjxscrgqg6waehxw309aex2mrp0yhxummnw3ezucnpdejz7ctvdspzqr6l7jnm9dlrcpj4ecthe584ngsdvn86g4936ug7prh8h52xa4n9qvzqqqr4gudu8k89
Stay in the line plebs
#bitcoin #nostr 

The fiat gambling mindset is on #bitcoin main chain.
#bitcoin #nostr
"Recognition of one’s slavery is the first act of freedom"
That's why #bitcoin will be the productivity global index PGI not the Gros dumb production GDP.
nostr:nevent1qqs8cnd88fzvllwqd6gpzq6hjh4d7sjc755v4cmkxy8f63r4cnw7h7qprfmhxue69uhkumm0wfhx7er99ehx7um5wgcjucm0d5hsygq2kdmjmvq50fn85qgvzrchm6shtnjgfgtq2r93cv8mgckp36d4h5psgqqqqqqs0patvl
How long is long terms for this holder.
I think the base of the analysis is for six months so the long term holder are wall street boys. Not the real long term holder.
And this like a propaganda to make confusion for the new hodler and maybe push the real holder to sell their #bitcoin
nostr:nevent1qqsd676dtcrr7cxslm5t9e6gqjg4wlsqz4ardw9ns6tnxmnss99su9cpr9mhxue69uhhyetvv9ujuumwdae8gtnnda3kjctv9upzq3e0gs8jnmued6f2rp4c6vs07xqvs4vs8zpwt82smcdch4txjvq7qvzqqqqqqysyu2rj
نحو بيان متكامل لمجتمع البيتكوين المسلم
بعد الغوص المتأنٍ في الأسباب التي تجعل بعض علماء الإسلام يتحفظون على البيتكوين، يمكننا أن نصل إلى خلاصة فلسفية وتقنية متكاملة، تعيد النظر في النظام الرقمي الحديث، وتضع الأسس لبيان متين لمجتمع البيتكوين المسلم.
الغرر والميسر مقابل طبيعة البيتكوين الحقيقية:
علماء الشريعة يرفضون أي شيء يثير الشكوك حول الرهان على المال أو المضاربة المفرطة.
لكن البيتكوين ليس مجرد أداة مضاربة عشوائية، بل هو سلعة رقمية محدودة وشفافة، حيث القيمة تتشكل من الندرة والجهد المبذول لحماية الشبكة، ومضمون برمجيًا لضمان النزاهة في كل معاملة.
التعمق في هذا الجانب يوضح أن البيتكوين ينأى عن الغرر الحقيقي، ويحقق هدفًا متوافقًا مع مقاصد الشريعة، وهو حفظ المال وتحقيق العدالة في المعاملات.
المال والجهد المبذول:
الفهم التقليدي للمال عند العلماء قائم على فكرة أن القيمة يجب أن تنشأ من جهد ملموس أو إنتاج فعلي.
البيتكوين، على الرغم من كونه غير ملموس، يتحقق فيه الجهد المبذول إلكترونيًا وعمليًا عبر التعدين أو المشاركة في الشبكة، وهذا الجهد يعكس تكريس طاقة بشرية ومعدنية لحماية النظام.
من هذه الزاوية، يمكن اعتبار البيتكوين مستوفٍ لشرط الإنتاجية والأصالة في تكوين المال، ما يجعله قابلًا لإعادة النظر في حكمه.
:الجهة المصدرة والاستقلالية عن الأنظمة المركزية
خوف العلماء من عملة غير مركزية ينبع من التربية في نظم مركزية عمودية، حيث كل المال والتبادل تحت سلطة محددة.
البيتكوين يقدم نموذجًا موزعًا وغير مركزي، حيث الإجماع مبرمج في قلب النظام وليس مرهونًا بسلطة بشرية.
هذا يعيد تعريف الثقة في المال: الثقة في القواعد والبروتوكولات، لا في الأشخاص أو المؤسسات.
وهو نموذج فلسفي جديد يتوافق مع روح العدالة والمصداقية التي يسعى الإسلام لتحقيقها.
:التقلب والاعتماد طويل المدى
التقلب ليس سببًا كافيًا للتحريم إذا تم التعامل معه كوسيلة ادخار واستثمار طويل المدى، وليس كمقام للمضاربة.
البيتكوين، عند استخدامه بحكمة، يحمي المال من التدهور الهيكلي للعملات الورقية ويؤمن قدرة الفرد على الوفاء بالالتزامات، ما يحقق الهدف الشرعي الأساسي للمال.
: إعادة البناء الفلسفي للمال
البيتكوين ليس مجرد نقود رقمية؛ إنه تجربة فلسفية عملية لإعادة تعريف المال: وحدة قياس، مخزن للقيمة، وأداة تبادل، مستقل عن التحكم المركزي، .
هذه الرؤية تتوافق مع المبادئ الجوهرية للشريعة الإسلامية، إذا تم توجيه المجتمع المسلم نحو الاستخدام الصحيح والمسؤول، بعيدًا عن المضاربات العشوائية.
مجتمع البيتكوين المسلم يحتاج إلى بيان واضح ومستنير:
توضيح الفرق بين المضاربة و مخزن للقيمة
تفسير الجهد المبذول والشفافية كشرطين للمال الشرعي
تعريف الأنظمة الموزعة والإجماع الرقمي كبديل للسلطة المركزية
التأكيد على استخدام البيتكوين كأداة للادخار والتبادل وليس للمقامرة.
#bitcoin #nostr #nostrarabia
nostr:nevent1qqs2pt95ymvfz8js7twhkmhnr2664yzq3l30wdmvf9zu3tvr88je38spr4mhxue69uhhyetvv9ujumn0wd68yctjv93xjcfwvdhk6terqgsq7hl557et0c7qv4wwza7dpav6yrtye7j9fvwhz8sgaeaaz3hdvegrqsqqqqqpa9w98p
منذ اللحظة الأولى التي يُطرح فيها موضوع “البيتكوين” في فضاءٍ إسلامي، يتشكّل توجّس تلقائي في ذهن المتلقي. كأنّ العقل المسلم ، بخبرته المتوارثة وتاريخه الطويل مع الفتن المالية والمكر الاقتصادي ، يرفع درعًا دفاعية قبل أن يسمع الحجة. هذا التوجّس ليس وليد لحظة، بل هو نتاج قرون من علاقةٍ مضطربة بين المال والسلطة، وبين الشريعة والواقع، وبين ما هو مقدّس وما هو دنيوي.
في التصور الإسلامي ، المال ليس مجرّد أداة تبادل؛ بل هو “أمانة” و“مسؤولية” و“ميزان” يحتاجه الإنسان في المعاملات. هذا التصور الغنيّ بالرموز الأخلاقية يجعل كل تجديد في عالم المال يثير الخوف قبل الفضول، لأنّ المال في المخيال الإسلامي محمّل بمعاني الدار الٱخرة: “من أين اكتسبه وفيما أنفقه”. لذا، حين ظهر البيتكوين ، وهو نظام ماليّ لا يصدر عن دولة، ولا يضبطه مصرف، ولا تملكه مؤسسة ، بدت الفكرة وكأنها تهديد لنظامٍ أخلاقيّ متجذّر أكثر مما هي تهديد لنظامٍ اقتصاديّ.
العقل المسلم عاش طويلاً في بنية مركزية متماسكة: الحاكم يصدر العملة، الفقيه يضع الضوابط، السوق يعمل ضمن حدودٍ مرسومة. هذا النسق منضبط ومتجانس؛ فيه الراحة النفسية التي تمنحها السلطة حين تقول لك “هذا حلال، وهذا حرام”. لذلك فإنّ أي منظومة جديدة تكسر هذا التسلسل الهرمي وتقدّم بديلًا بلا رأس، بلا وسيط، بلا مركز، تُحدث خلخلة معرفية عميقة قبل أن تُحدث خلافًا فقهيًا.
من جهةٍ أخرى، لا يمكن إنكار أنّ صورة “العملات الرقمية” التي رُسمت في الإعلام التجاري شوهت المعنى الحقيقي للبيتكوين. فحين يسمع المسلم “عملة رقمية”، يتبادر إلى ذهنه فورًا مشهد المضاربات، والمنصات، والأسعار التي تتقلب كالقمار. هذه الصورة الذهنية الراسخة تجعل من المستحيل تقريبًا الحديث عن البيتكوين كـنظام نقديّ بديل قبل تصحيح المفهوم الأولي بأنه ليس أصلًا من أصول المضاربة، بل هو أصل من أصول الوجود الاقتصادي الجديد القائم على الطاقة والعمل والشفافية.
هنا تظهر المفارقة: الإسلام في جوهره دين يُعلي من قيمة العمل، ويحرم الكسب دون جهد، ويكرّم الصدق في المعاملة. و البيتكوين في جوهره ، حين يُفهم على حقيقته التقنية ، يجسّد هذه المبادئ نفسها: لا يُخلق دون عمل (التعدين)، ولا يُنقل دون صدق (التحقق)، ولا يُملك دون أمانة (المفاتيح الخاصة). لكن الفجوة المعرفية بين “لغة الفقه” و“لغة التقنية” تجعل الجسر بين العالمين هشًّا، فلا يلتقيان إلا في مواضع سطحية، تُفسَّر فيها الظواهر بالشك لا بالفهم.
من هنا، فإنّ الحذر الذي يبديه العلماء ليس رفضًا محضًا، بل هو نتيجة غياب البنية المفهومية التي تسمح بترجمة البيتكوين إلى المفاهيم الإسلامية المألوفة. إنهم يملكون مفاتيح فقه المعاملات، لكن ليس مفاتيح فقه التقنية.
في المقابل، يحمل مجتمع البيتكوين معرفة تقنية عميقة، لكنه في الغالب يفتقر إلى القدرة على التعبير عنها بلغةٍ تحمل الحسّ الروحي والأخلاقي الذي يحتاجه العقل المسلم كي يطمئن.
النتيجة: سوء تفاهم حضاري بين عقلين يسعيان ، في العمق ، إلى الشيء نفسه: العدالة، الصدق، الحرية من الظلم.
لكن الأول يسلك طريق “النص”، والثاني يسلك طريق “الشفرة”.
وكلاهما، حين يبلغان الغاية، يكتشفان أنهما كانا يتحدثان عن نفس الحقيقة بلغتين مختلفتين.
الأسباب التي جعلت من البيتكوين موضوع خيفة و توجس من المجتمع الإسلامي وعلى رأسهم علماء الدين.
الغرر والميسر:
الجذور الفقهية والاقتصادية لموقف التحريم.
في جوهر الاقتصاد الإسلامي، تقوم العدالة على اليقين.
فلا بيع إلا ما وُصف وصفًا يمنع الجهالة، ولا عقد إلا بما اتضح طرفاه، ولا ربح إلا فيما كان مقابل عملٍ أو مخاطرةٍ مشروعة. هذه القاعدة العظيمة ليست تفصيلًا فقهيًا، بل هي ثمرة وعيٍ عميق بمأساة الإنسان حين يُغرى بالربح السهل. لقد جاء الإسلام ليحرر الإنسان من طغيان “الاحتمال” و نقله إلى واقع “العمل”، لأن الاحتمال يغري النفس بالوهم، بينما العمل يربطها بالواقع. من هنا، جاء تحريم الغرر (الجهالة في العقود)، وتحريم الميسر (الربح من غير مقابل حقيقي)، كوسيلة لحماية الفطرة من الانزلاق في دوامة الطمع.
حين ينظر الفقيه إلى ظاهرة البيتكوين لأول مرة، يرى مشهدًا صاخبًا من الأسعار المتقلبة، و التداولات اللحظية، والمضاربات المليارية. يرى أناسًا يشترون ويبيعون شيئًا لا يلمسونه، لا يفهمون قيمته الحقيقية، ولا يعلمون من يصدره، فيحكم على الظاهر بما يرى: “غرر” و“ميسر”. والحق أن هذه الصورة الظاهرية ليست بعيدة عن الواقع التجاري للمنصات المركزية التي تبيع وتشتري رموزًا رقمية كأنها أوراق يانصيب.
لكن الخطأ هنا لا يكمن في الحكم الفقهي نفسه، بل في تحديد محل الحكم:
هل نتحدث عن “البيتكوين” كأصل نقديّ؟ أم عن “التداول المضاربي” الذي يجرى حوله؟
البيتكوين في ذاته ليس سوقًا ولا مقامرة. إنه نظام، أو بالأحرى “شبكة طاقة-معلوماتية” تُنتج وحدة نقدية رقمية ناتجة عن عملٍ فيزيائيّ قابل للقياس. عملية التعدين ليست حظًّا، بل معادلة رياضية تتطلب طاقة ومعالجة، أي جهدًا وقيمة حقيقية. بينما الميسر في جوهره يقوم على انعدام العمل، وعلى وجود طرف رابح وآخر خاسر بلا تبادل عادل.
أما في نظام البيتكوين، فجميع المشاركين في الشبكة متعاونين على حفظ القيمة العامة للشبكة و هذا ما ينتج حالة ربح ربح لا يمكن أن تراها في النظام المالي الحالي الذي يستمد قوته من قاعدة واحدة كل رابح يقابله خاسر.
كل وحدة بيتكوين خرجت من شبكةٍ صرفت طاقة كهربائية حقيقية لحلّ لغز رياضيّ، أي أنها ثمرة تحويل للطاقة إلى قيمة. هذه النقطة وحدها كفيلة بتغيير زاوية النظر من “غرر” إلى “عمل”، ومن “مقامرة” إلى “مقابلة عادلة بين الجهد والإنتاج”.
أما تقلب السعر، الذي يُعدّ أحد أعمدة الاستدلال على الغرر، فليس دليلًا قاطعًا في ذاته.
فكل أصل جديد في التاريخ ، من الذهب إلى أسهم الشركات الأولى ، عرف في بداياته تذبذبًا عنيفًا قبل أن يستقر. والتقلب ليس ناتجًا عن طبيعة البيتكوين، بل عن ضعف الوعي الجمعي بمفهومه، وعن هيمنة السوق الورقي عليه. إنّ الغرر المحرّم في الفقه هو الجهالة في العقد ذاته، لا الجهالة في السوق حوله. والعقد في البيتكوين واضح لا لبس فيه: مرسل، مستقبل، كمية محددة، رسوم معلومة، توقيع مشفّر.
فأين الجهالة؟
الجهالة الوحيدة كانت في عيون من لم يفهموا ما يحدث خلف البرمجيات.
ثم إنّ الميسر في حقيقته يعبّر عن “اختلال العلاقة بين الجهد والمكافأة”.
في الاقتصاد التقليدي القائم على البنوك المركزية، تُطبع النقود دون جهد، وتُخلق الثروة من لا شيء عبر الائتمان. أليس هذا أقرب إلى الميسر منه إلى العمل؟
بينما في البيتكوين، لا تُخلق العملة إلا من خلال جهد فيزيائي قابل للقياس. كل ساتوشي يحمل في داخله أثرًا من طاقة أُحرقت لحماية الشبكة وتأكيد صدق المعاملة. إنه “مُنتَج طاقة”، “لا نتاج” حظ”.
ولذلك، فإنّ إعادة النظر الفقهية تقتضي أولًا إعادة تعريف “المال” نفسه.
هل المال ما يُسكّ في دار الضرب السلطانية؟
أم ما يعترف به الناس طوعًا كحامل للقيمة؟
هل المال ما يُخلق من لا شيء بفعل قرارٍ إداريّ؟
أم ما يُستخرج من تفاعل حقيقي بين المادة والطاقة والمعلومات؟
حين يُطرح السؤال بهذا الشكل، يتضح أن الغرر الحقيقي ليس في البيتكوين، بل في النظام النقدي الورقي نفسه، الذي لا أحد يعلم كم فيه من الوهم، وكم من الحقيقة.
البيتكوين، إذن، ليس مقامرة. بل هو استعادة لمفهوم العدالة في الكسب، وعودة إلى المبادئ الإسلامية القويمة
فمن سعى بطاقة، نال قيمة.
ومن أراد الربح دون عمل، فلن يجد له مكانًا في نظامٍ يساوي بين الناس عبر الرياضيات لا عبر النفوذ.
اللامادية : المال بين الوجود الحسيّ والوجود الرقمي
منذ أن وُجد الإنسان، ارتبط مفهوم “المال” عنده بما يُرى ويُمسك ويُخزّن.
الحبوب، والذهب، والفضة، ثم النقود الورقية؛ كلها أشكال محسوسة تمنح الإنسان يقينًا نفسيًا بأنه يملك شيئًا حقيقيًا، شيئًا يمكن أن يراه أو يحمله في جيبه. هذا الارتباط الحسيّ العميق ليس مجرد عادة اقتصادية، بل هو انعكاس لغريزةٍ وجودية في الإنسان: الخوف من اللامرئيّ.
ففي عالمٍ متغيّر، يطمئن الإنسان لما يراه، ويخاف مما لا يُدركه بحواسه. ولهذا السبب، حين سمع الفقهاء بالبيتكوين ، مال لا يُمسك، لا يُرى، لا يُصدره سلطان ، بدا الأمر كأنه عبث بسنن الخلق، أو كما قال بعضهم: “مالٌ لا وجود له إلا في الخيال”.
لكن هنا تبدأ المفارقة الفلسفية العميقة:
هل الوجود يُقاس بالملموس فقط؟
وهل ما لا يُرى لا يُوجَد؟
إنّ الإسلام ذاته، في أعمق مفاهيمه، يربط الإيمان بـ ما غاب عن الحواس.
الإيمان بالغيب
ليست مجرد جملة إيمانية، بل إعلان عن أن الوجود أوسع من الإدراك الحسيّ.
الروح لا تُرى، لكن أثرها يملأ الجسد حياة.
النية لا تُلمس، لكن أثرها يُغيّر حكم العمل كلّه.
والزمن نفسه ، إذا تأملت قليلا في ستدرك أنه فقط موجود في العقول ، لكنه أثمن ما يملكه الإنسان.
إذن، ليس كل ما لا يُرى خيالًا.
و هنا، يجب أن نفهم “البيتكوين من هذه الناحية”.
البيتكوين ليس “عدمًا رقميًا” كما يظن البعض، بل هو وجودٌ رياضيّ فيزيائيّ متجسّد في الطاقة التي صُرفت لإنتاجه، وفي النظام الذي يضمن وجوده عبر التشفير.
كل وحدة بيتكوين هي نتيجة لعملية حقيقية حدثت في العالم المادي: أجهزة اشتغلت، طاقة استُهلكت، حرارة انبعثت، ونتيجة ذلك الجهد خُلِقت معلومة جديدة ، تواقيع رقميّة ، داخل سجلّ موزّع لا يمكن محوه.
بهذا المعنى، فإنّ “البيتكوين” ليس شيئًا غير ملموس، بل هو تحويلٌ للطاقة إلى معلومة قابلة للامتلاك.
إنه “الذهب الرقمي”، لا بمعنى التشبيه التسويقي، بل بمعنى فلسفي دقيق: كلاهما ثمرة جهد، وكلاهما نادر(الندرة المطلقة للبيتكوين في حد ذاتها اكتشاف علمي خارق)، وكلاهما لا يعتمد على وعدٍ من أحد.
لكن الفقهاء حين نظروا إلى البيتكوين، لم تكن أدواتهم المعرفية معدّة للتعامل مع هذه الطبقة الجديدة من الوجود.
الفقه الإسلامي تطوّر في عالمٍ مادّيّ ثابت، حيث الأشياء إمّا تُمسك أو لا تُمسك، والملكية إمّا في اليد أو في الذمة.
أما في العالم الرقمي، فقد ظهر نوع ثالث من الوجود: الوجود الطاقيّ المعلوماتيّ، الذي لا يتجسّد في مادة، لكنه قائم في بنية الطاقة والمعالجة والزمن.
وهذا الوجود ليس “افتراضيًا”، بل هو حقيقيّ بالمعنى الفيزيائي: يمكن قياسه، ويمكن التحقق منه، ويمكن نقله دون أن يُستنسخ، تمامًا كما تنتقل الطاقة.
هنا يجب أن نعيد تعريف المال، لا كـ “مادة”، بل كـ “شكل” من أشكال الطاقة المخزّنة في رمز.
بهذا المنطق، يصبح القول بأن البيتكوين “غير ملموس” مثل القول بأن الكهرباء “غير موجودة”.
نحن لا نراها، لكننا نرى آثارها في كل مكان.
نحن لا نحملها في الجيب، لكننا ندفع ثمنها لأنها عمل حقيقيّ مُتحوّل إلى منفعة.
إنّ التحدي الأكبر أمام العقل الفقهي اليوم ليس في إصدار حكم على البيتكوين، بل في توسيع مداركه لتشمل الوجود الرقمي كامتداد للوجود المادي.
فالعالم تغيّر، وأصبح “الملموس” يتجسّد في “المحسوب”، والملكية لا تُثبت باليد بل بالمفتاح الخاص، والضمان لا يأتي من السلطان بل من التشفير.
وحين يدرك الفقيه أن “البيتكوين” ليس خيالًا ولا مقامرة، بل هو نظامٌ فيزيائيّ رياضيّ أخلاقيّ يحوّل العمل والطاقة إلى قيمةٍ قابلة للقياس،
حينها فقط، يزول الحاجز النفسي الذي يجعل من اللاملموس سببًا للرفض،
ويتحوّل الإدراك من الخوف من “ما لا يُرى” إلى الإعجاب بدقة ما صاغته العقول البشرية حين فهمت قوانين الله في الخلق.
غياب الجهة المصدّرة: مفهوم السلطة في الاقتصاد الإسلامي، مقابل مفهوم الإجماع اللامركزي في البيتكوين.
منذ القرون الأولى في الإسلام، ارتبطت فكرة “النقد” بالسلطة.
لم يكن الدينار والدرهم مجرد وسيلة تبادل، بل كانا علامة على السيادة.
على وجه كل قطعةٍ نقدية، نُقش اسم الخليفة أو السلطان، لا لمجرد الزينة، بل لتأكيد أن هذه القطعة تمثل “كلمة الدولة” ووعدها بالقيمة. وهكذا، أصبح للنقد هيبةٌ تشبه هيبة الحكم، وأصبحت طاعة العملة جزءًا من طاعة النظام العام.
تكرّس هذا الارتباط عبر القرون، حتى صار في اللاوعي الجمعي الإسلامي أن “المال لا يكون مالًا إلا إذا أصدره ذُو سلطانٍ شرعي”، لأن العدالة في التعامل تتطلب جهةً تتحمل المسؤولية.
ومن هنا، نشأ المبدأ الذي يجعل العلماء ، حتى المعاصرين منهم ، ينظرون إلى أي نقدٍ غير صادر عن دولة بعين الريبة، إذ في غياب الجهة المصدّرة يبدو لهم النظام كأنه بلا ضمان، بلا رقابة، بلا عهد.
لكن ماذا لو كان الضامن ليس شخصًا، بل قانونًا؟
وماذا لو لم تكن الرقابة من بشرٍ خطاؤون، بل من شبكةٍ لا تنام، تعمل وفق معادلات دقيقة لا تعرف المجاملة ولا الهوى؟
هنا، يقدّم البيتكوين مفهومًا جديدًا جذريًا للثقة، يمكن تلخيصه في جملة واحدة:
“الثقة لا تُمنح، بل تُبرمج.”
في الاقتصاد التقليدي، السلطة هي التي تُنتج الثقة.
لكن في البيتكوين، الثقة تنشأ من النظام نفسه، من طريقة عمل الشيفرة، من شفافية القواعد، من وضوح المعادلات التي لا يستطيع أحد تغييرها.
البيتكوين ألغى فكرة “المُصدِر” واستبدلها بفكرة المُتحقِق””.
فلا أحد يصدر البيتكوين، بل يُنتَج تلقائيًا عندما يتحقق النظام من أن العمل قد أُنجز، والطاقة قد صُرفت، والمعادلة قد حُلّت.
بهذا التحول، انتقل مركز السلطة من “الإنسان” إلى “قانون الرياضيات”.
وما يظنه الفقهاء “غيابًا للجهة المصدّرة” هو في الحقيقة تحوّل نوعي في مفهوم الجهة نفسها.
لم تعد جهةً سياسية تُصدر النقود بأمرٍ فوقيّ، بل شبكة لامركزية تُنتج القيمة من توافقٍ أفقيّ بين آلاف المشاركين الذين لا يعرف بعضهم بعضًا، لكنهم يجتمعون على قاعدة واحدة: صدق المعادلات الرياضية .
من منظورٍ إسلامي، هذا التحول لا يتعارض مع مقاصد الشريعة، بل يحققها بدرجةٍ لم تبلغها النظم المركزية الحديثة.
ففي النظام اللامركزي، لا يمكن لحاكمٍ أن يطبع المال دون حساب، ولا يمكن لبنكٍ أن يحتكر السيولة، ولا يمكن لقوةٍ بشرية أن تمارس الغشّ أو الإكراه في توزيع القيمة.
وهذه المبادئ تتقاطع بدقة مع القيم الإسلامية الكبرى: العدل، الشفافية، المساءلة.
بل يمكن القول إنّ مفهوم “الإجماع” في البيتكوين يحمل روحًا تشبه الإجماع الفقهي الإسلامي من حيث البناء، وإن اختلفت الأداة.
ففي كليهما، لا يُفرض القرار من الأعلى، بل يُستمدّ من توافقٍ حرّ بين المشاركين على قواعد مشتركة.
البيتكوين جسّد الإجماع في معناه التقني، تمامًا كما جسده علماء الأمة في معناه الشرعي: اتفاق جماعةٍ من العقلاء على أمرٍ لا يخالف العقل ولا العدل.
لكن الفارق أن البيتكوين جعل هذا الإجماع آليًا لا بشريًا، فلا يحتاج إلى هيئةٍ أو مجلسٍ أو إمضاءٍ سلطاني، لأن النظام ذاته يحتوي على آليات الإجماع والتحقق.
تلقائيا من داخل الشبكة.
وهنا يظهر المعنى الفلسفي العميق:
البيتكوين ليس ثورة ضد السلطة، بل عودة إلى الأصل قبل أن تُختزل السلطة في الأشخاص.
إنه استعادة لفكرة أن العدالة يمكن أن تكون خاصية في النظام ذاته، لا هبة من الحاكم.
ففي حين جعلت الأنظمة المركزية من الثقة عقدًا بين الحاكم والمحكوم، جعل البيتكوين من الثقة نتاجًا حتميًا من بنية الشيفرة.
إذن، حين يخشى الفقيه غياب “الجهة المصدّرة”، فهو في الواقع يخشى غياب “الجهة الضامنة للأخلاق”.
لكن لو تأمل في جوهر البيتكوين، لأدرك أن الأخلاق لم تُلغَ، بل أُدمجت في النظام:
الصدق مُبرمج لا يمكن الكذب في المعاملة.
العدل مضمون كل معاملة تُراجع تلقائيًا.
الأمانة مصانة لا أحد يستطيع إنفاق ما لا يملك.
أي أن القيم التي كان الفقيه يطلبها من السلطة البشرية، أصبحت في البيتكوين جزءًا من البنية الرياضية للنظام.
وهكذا، يصبح البيتكوين ليس خروجًا على النظام، بل إعادة هندسة للعدالة بوسائل أكثر انضباطًا من البشر أنفسهم.
فالسلطة لم تختفِ، بل تحوّلت من “شخصٍ يملك القرار” إلى “نظامٍ لا يمكن أحد تغييره”،
ومن “خضوعٍ للقوة” إلى “التزامٍ بالقانون”.
الشفافية والنوايا: من القصد الشرعي إلى الأفعال المبرمجة
في الفكر الفقهي الإسلامي، لا تُقاس الأعمال بالنوايا فحسب، بل بالنوايا في إطار الفعل الظاهر.
المعاملات المالية في الإسلام ليست مجرد تبادل للأرقام، بل هي إرادة متحققة في سياق واضح يمكن للمجتمع ملاحظته.
النية وحدها لا تكفي، بل يجب أن تتجسد في فعل واضح، مشروع، يمكن أن يُراجع ويُحاسب عليه.
هذا المبدأ يحمل في طياته فلسفة عميقة: أن العدالة لا تتحقق إلا حين تكون النية الصافية معلنة في إطار نظام واضح يمكن التحقق منه.
أي أن الشريعة لا تعتمد على "قلب الإنسان" وحده، بل على التفاعل بين القلب والفعل، بين الرغبة والممارسة، بين الإرادة الفردية والضوابط الجماعية.
لهذا السبب، أي نظام مالي يفتقد للشفافية، أو يترك الثقة مجردة بين الأطراف، يثير الريبة ويُعتبر مشكوكًا في مطابقته للمعايير الشرعية.
البيتكوين، حين يُقارن بهذا المعيار، يبدو في البداية غريبًا للعين الفقهية:
لا يوجد “مسؤول” يضمن نزاهة المعاملة، ولا توجد جهة تُحقق في القصد، ولا أوراق قانونية تُوقعها الأطراف لتثبت النية.
لكن عند التدقيق، نجد أن النظام نفسه صُمم ليجعل كل فعل مالي شفافًا ومتحققًا بشكل تلقائي.
كل معاملة تُسجل في البلوكشين، وكل كتلة تتحقق من صحتها عبر شبكة من العقد، وكل تغيير أو محاولة تزوير تكتشف فورًا.
بمعنى آخر، النظام الرياضي للبيتكوين يحول النية إلى فعل ظاهر يمكن التحقق منه عالمياً، دون أن يحتاج إلى تدخل بشري.
النية، أو القصد، تتحقق ليس عبر إشراف خارجي، بل عبر قواعد دقيقة.
الشفافية هنا ليست اختيارية، بل مضمنة في بنية النظام نفسها.
أي محاولة لتزييف المعاملة أو التحايل على الشبكة تصبح مستحيلة تقريبا، لأن كل عقدة في الشبكة تشارك في التحقق وتسجيل كل حدث مالي.
من منظور إسلامي، هذا يقابل الشرط الفقهي بأن المعاملات يجب أن تكون مفتوحة للفحص ويمكن الرجوع إليها في حال النزاع.
فالبيتكوين يحقق هذه الشفافية بشكل متفوق على أي نظام بشري معرض للخطأ و التلاعب.
النظام لا يثق في الأشخاص، بل يثق في الحقيقة الموضوعية التي تنتجها المعادلات، وتلك الحقيقة لا يمكن تزويرها.
وهكذا، يمكن القول إن ما يبدو للناظر التقليدي “غيابًا للنية الشرعية الظاهرة” هو في الحقيقة نظام آخر للنية الظاهرة، ولكن على مستوى عالمي وبرمجي.
النية لم تعد محتكرة داخل الفؤاد البشري، بل أصبحت حقًا قابلًا للتحقق في العالم المادي الرقمي، مترجمة إلى أفعال لا يمكن إنكارها أو تزويرها.
في النهاية، يتضح أن ما يراه بعض العلماء قصورًا في البيتكوين، هو في الواقع تحوّل فلسفي جذري:
من اعتماد الشريعة على التأكد من نزاهة البشر، إلى التأكد من نزاهة القواعد والمبادئ الموضوعية التي تضمن العدالة والشفافية.
النية لم تُلغَ، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الآلية نفسها، غير قابلة للتحريف، أو التأويل، أو التحايل، وهذا في جوهره يلتقي مع روح الشريعة الإسلامية التي تطلب وضوح الفعل وصدق المعاملة.
التقلب والتقنين: الأمن المالي في الإسلام مقابل تقلب القيمة في البيتكوين، وكيف يمكن التوازن بينهما.
أحد أبرز أسباب تحفظ الفقهاء على البيتكوين يعود إلى الطبيعة المتقلبة للقيمة.
في الشريعة الإسلامية، المال لا يُنظر إليه مجرد رقم، بل وسيلة تحفظ الثروة وتحمي القدرة الشرائية.
المال هو أداة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي، وضمان قدرة الفرد على الوفاء بالتزاماته، سواء تجاه نفسه أو تجاه الآخرين.
أي شيء يجعل هذا الاستقرار غير مضمون، ويحوّل المال إلى أداة مضاربة بحتة، يثير شكوك العلماء، ويضعه تحت دائرة التحريم المرتبط بالغرر والميسر.
البيتكوين، بطبيعته، يخضع لقوانين العرض والطلب ، والتفاعل الحر بين المستخدمين والمعدنين.
هذا يؤدي إلى تقلبات حادة في القيمة، قد تصل إلى نسب غير مسبوقة في فترة قصيرة.
وهنا يظهر للوهلة الأولى ما يراه العلماء "مقام الميسر"، إذ يبدو أن المستخدمين يخاطرون بممتلكاتهم دون ضمان، ويُفترض أن الهدف هو الربح السريع وليس تلبية الاحتياجات الفعلية.
لكن الغوص العميق في طبيعة البيتكوين يكشف حقيقة مختلفة تمامًا:
البيتكوين ليس مجرد أداة للمضاربة، بل هو سلعة رقمية محدودة، تشترك في بعض خصائص الذهب أو المعادن النفيسة، حيث القيمة تأتي من الندرة والجهد المبذول في الإنتاج.
التقلب ليس نتيجة فوضى أو تلاعب، بل نتيجة مرحلة تطور السوق الحر الرقمي، حيث يتم اكتشاف القيمة الحقيقة لهذه السلعة الجديدة.
على المدى الطويل، ومع نمو اعتماد الشبكة وانتشار الاستخدامات العملية، تتراجع حدة التقلبات وتصبح أكثر استقرارًا، كما حدث مع الذهب والمعادن النفيسة قبل أن تُصبح معيارًا عالميًا مستقرًا.
هنا يظهر الحل المقترح لمواجهة مخاوف الفقهاء: التفريق بين الاستخدام كأداة ادخار واستثمار وبين المضاربة المحضة.
كمخزن للقيمة: يمكن للمسلم شراء البيتكوين والاحتفاظ به على المدى الطويل، مستفيدًا من ندرة العملة واستقلالها عن التضخم الورقي.
كوسيلة للتبادل: يمكن استخدامه لدفع ثمن السلع والخدمات، حيث تتحقق وظيفة المال الأساسية كمعيار ووسيلة لتسهيل التجارة، بعيدًا عن المضاربات العشوائية.
تجنب المضاربة: توعية المجتمع بأن الهدف الأساسي ليس الربح السريع عبر المضاربة، بل تأمين ثروته، والاحتفاظ بقيمة حقيقية في مواجهة التدهور الهيكلي للعملات الورقية.
البيتكوين، حين يُنظر إليه من هذه الزاوية، يتوافق جزئيًا مع مقاصد الشريعة المالية:
حفظ المال: حماية الثروة من التضخم والفساد الورقي.
تحقيق العدالة: نظام شفاف لا يعتمد على سلطة بشرية، بل على قواعد محددة.
ضمان القدرة على الوفاء بالالتزامات: من خلال وحدة القياس المعتمدة عالميًا والمقبولة بين الأطراف.
بذلك، يمكن القول إن مخاوف العلماء ليست عبثية، بل نتاج فهم تقليدي للمال قائم على التجربة التاريخية.
لكن البيتكوين يمثل خطوة فلسفية وتقنية جديدة، تعيد تعريف المال نفسه، من كونه أداة بشرية مركزية إلى كونه نظامًا رقميًا عالميًا، مستقلًا عن تقلبات الثقة البشرية، و يستحق إعادة النظر بوعي عميق ومتأني.
بهذا الشكل، يمكن تحويل الرفض الأولي القائم على الصورة النمطية إلى فرصة للتعليم وإعادة التفكير النقدي، وخلق ثقافة مالية رقمية إسلامية متوافقة مع المبادئ، مبتكرة في استخدام التكنولوجيا، وواعية في حماية المال والعدالة الاجتماعية.